الجمعة، 17 يونيو 2022

"عُمرُ الغريب" إفادة سارد ميّت


وقّعت الكاتبة المغربية سلمى مختار أمانة الله أخيراً روايتها الثانية «عمر الغريب» بمعرض الكتاب والنشر بالرباط، تلتها ندوة بالمكتبة الوطنية سيرها الناقد الأديب حسن عبيدو بمشاركة الكاتب والناقد سعيد يقطين والباحث سعيد الفلاق.
وشخصية عمر الغريب شخصية استثنائية غريبة اجتمعت فيها كل صفات التناقضات الإنساني والقهر والاضطراب النفسي، الغريب في الرواية هو هذا السارد الميت الذي يستعرض مساراً حافلاً بالألم والفظاعة الإنسانية.
إنها محاكمة رمزية للمجتمع الذي يلفظ أبناءه، وهي تصور البشاعة السائدة في الواقع من خلال بطل لا يشبه أحداً إلا نفسه المسكونة بالاضطراب والهم والهوس. السارد في رواية سلمى طبيب، ولكن زمن السرد مختلف؛ لأنه على لسان جثة هامدة مقتولة لفظت أنفاسها الأخيرة. الجميل في الرواية، أنها تحاكي الأغوار الإنسانية لأجل تمرير خطاب إنساني في قالب إبداعي، ولعل الكاتبة بهذا السرد الخارج من جثة هامدة أرادت التنديد بضحالة القيم الإنسانية التي ابتلعها الزحف الإلكتروني وتراجع الأسرة والمؤسسات التعليمية والتربوية، وهي إدانة أيضاً للاغتراب الجماعي الذي أصبح الجميع يصبح ويمسي عليه بلا رحمة ولا شفقة.
وأجمع المتدخلون في الندوة على بلاغة اللغة وشاعريتها عند الكاتبة، وعلى قوة الوصف.
في هذا السياق، اقترح الكاتب سعيد يقطين عناوين أخرى منها «شطيرة المشمش» أو «زهرة الأوركيدي» أو «عمر قتلني»، للإحالة على التشظي والإحساس باللاانتماء الذي يميز شخصية البطل عمر، إلا أن الكاتبة تقول، إنها حبّذت العنوان للتعبير والتأكيد على غربة عمر والاغتراب الذي يمزق البطل رغم وضعه الاعتباري والاجتماعي كطبيب. كما أن ثمة فكرة أساسية يمكن الخروج بها من رواية «عمر الغريب»، هي التمرين على الموت كنقطة نهاية وتوقف يمكن أن نمارسه كأحياء بين الفينة والأخرى لتصحيح مسار الحياة، وممارسة ذاك التطهير النفسي للانطلاق من جديد نحو الحياة.
وهي تقول عن ذلك «عمر كتبني ولم أكتبه، فهو السارد الحقيقي وهو من يستحضر تداعياته وخيباته وتناقضاته دون أن أضعه في قالب معين». الرواية لا تخضع لتقسيم أو فصول، حيث إن السرد ينساب بتلقائية حتى النهاية بشكل سلس، من دون تجنيس أو تصنيف.
الرواية صادرة عن المركز الثقافي للكتاب وتقع في 273 صفحة، وسبق لأمانة الله أن أصدرت روايتها الأولى «ولي النعمة» سنة 2018 ومجموعة قصصية تحت اسم «تي جي في» عام 2016.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق